بعد أن قرر المغرب «دمقرطة الانترنت» في إطار الاصلاحات، التي باشرها الملك
محمد السادس بعد ثورات الربيع العربي، حلم المغاربة بأن تتمتع الصحافة بحرية أكبر على
المواقع الالكترونية.
ففي 2014، قال وزير الاعلام مصطفى الخلفي إن عدد المواقع الالكترونية في
المملكة بلغ 400 موقع اخباري، تعمل جميعها في جو يتميز بالتنوع وحرية التعبير، لكن
بعد مرور بضعة أعوام يبدو أن هناك مواضيع لا تزال من المحرمات، حيث بات خطر السجن يهدد
الجميع ويشجع الصحافيين على ممارسة الرقابة الذاتية.
وقال عبد الله ترابي، مدير نشر المجلة المغربية الساخرة Telquel سابقاً، لصحيفة لوموند الفرنسية «لا يزال مثال حميد المهداوي جاثماً على
قلوب الصحافيين»، والمهداوي رئيس تحرير موقع بديل الإخباري باللغة العربية، الذي قرّر
اغلاق الموقع بعد توقيف مؤسسه خلال الحركة الاحتجاجية، التي شهدتها الحسيمة في منطقة
الريف، عقب مقتل بائع السمك طحنا في شاحنة قمامة.
ورغم أن حزب العدالة والتنمية اعتبر التعديل، الذي أقره البرلمان في
2016 حول قانون الصحافة، إنجازا لمصلحة حرية الصحافة، ذلك أنه ألغى عقوبات الحبس، ولكن
عمليا يتم الالتفاف على قانون الصحافة وفق الصحافي المستقل يوسف ايت أخديم، ويعتمد
في الأحكام على قانون العقوبات.
وينتقد الناشرون ايضا عدم وجود قضاة ونواب عامين مختصين في قضايا الصحافة،
وهنا يضيف الصحافي أخديم: «خلال أول محاكمة لتوفيق بوعشرين في 2009 بتهمة الإساءة الى
العلم الوطني، ذكر القاضي قوانين مصرية وتونسية بعيدة كل البعد عما يتعلق بحرية الصحافة
وهذا امر يوضح حقيقة الامر».
مواقع مهددة
والصحف الالكترونية المغربية مهددة اقتصاديا أيضا. وإن كانت مداخيل الصحف
الالكترونية في أوروبا مرتبطة أولا باشتراكات القراء، ثم بالإعلانات، يبدو تحميل القارئ
تكلفة اشتراك امرا صعبا للغاية في المغرب.
ويقول عبد الله تورابي ان الجمهور في المغرب لا يزال يربط الانترنت بالمجانية،
وتراه يتساءل في تويتر كلما تحدثنا عن كتاب جديد: «هل تتوافر نسخة بي دي اف منه على
الانترنت؟».
ويفسر هذا الوضع فشل اول بوابة اخبارية مغربية تدعى Desk، أسسها الصحافي علي عمار المختص
في التحقيقات، ويقول عبد المالك علوي، مؤسس موقع هاف بوست المغربي، إن هذا العنوان
نجح في جمع أكثر من 700 ألف يورو، ولكن لم ينجح في بلوغ الاهداف التي سطرها في البداية،
وهي الوصول إلى 10 آلاف مشترك خلال العام الاول.
الإعلانات.. المصدر الرئيسي
ويأسف هذا المستثمر لاستحالة الاستعانة بمستثمرين أجانب، لأن هذا الأمر
يحرم الموقع من مساعدات الدولة، والصحافيين من بطاقة الصحافة، لذلك يعد الاصلاح ضروريا
وفقه في هذا المجال لبناء سوق جاذبة لرأس المال المستقل.
وفي هذا السياق، تعد الإعلانات المصدر الرئيسي لمداخيل الصحافة الالكترونية
في المغرب، ووفق دراسة أجراها معهد ايبسوس، فإن 62 في المئة من ميزانية المواقع الالكترونية
يستولي عليها عمالقة الإنترنت الأميركيون، ويقول عبد المالك علوي «ليس لدينا اي سلطة
أمام غوغل وفيسبوك، وعلى الدولة ان تفرض ضريبة لتوقف هذا النزيف».
ولا تستفيد المنصات الاميركية فقط من التمويل عن طريق الاعلانات، فهذا
النوع من التمويل يسمح ايضا للمعلنين المحليين بممارسة ضغوط على العناوين، التي يرتبطون
بها. ووفق بعض المصادر فإن بعض وجوه الحياة السياسية والاقتصاد لديهم نشاطات إعلامية
وأخرى في مجال الاعلانات.
10/16/2018 12:42:00 م
azilal zoom

تصنيف :